الأحد، 31 يناير 2016

يا أنتِ




يا أنتِ

يا منتألق نورها حتى اختفى ضوء البدور

و تلألأت مثل الشموس و أنشرت عبق الزهور

 يا من أراها في الصباح كمثل نور فوق نور

وأرى شذاها في المساء كطلع ألاف الزهور

و أرى ثناياها كشهد يحلو به مُرُّ الدهور

 يا عشق قلبي يا حياتي يا أنت يا كل العطور

من ريقك المملوء شهدا أحتسي أرقى الخمور

و أرى بصدرك امنياتي ساكنا احلى القصور

الجمعة، 18 يوليو 2014

الموقف السلفي من حركات المقاومة

الموقف السلفي من حركات المقاومة


- إبراهيم الفيومي 

الناظر إلى الموقف السلفي السائد في حرب فصائل المقاومة في غزة مع العدو الإسرائيلي يجده موقف غاية في التخاذل والخيانة ،  الإ أن هذا الموقف السلفي المتخاذل تجاه المقاومة ليس وليد هذه المعركة ، فلو رجعنا في إلى حرب تموز 2006 لوجدنا أن الموقف السلفي كان قمة في العار ، فنجد أن الفتاوى السلفية انطلقت بتحريم نصرة المقاومة في جنوب لبنان وتحريم الدعاء لهم بحجة أنهم من الرافضة المشركين في مقابل اليهود الذين يصفونهم بأهل الكتاب ! دون أن يبدو اعتباراً لكون المقاومة تدافع عن أرضها وهي حقها المشروع بينما الكيان الصهيوني هو كيان معتدٍ غاصب للأرض !

وفي معركة عام 2009 نجد أن الموقف المتخاذل اتجه نحو المقاومة في غزة وهي ليست مقاومة شيعية كما هو حال المقاومة في لبنان حتى يتم إلصاق هذه التهمة بها ، فقد قام الشيخ السلفي محمد حسين يعقوب بتحميل المقاومة لمسؤولية العدوان على غزة ، حيث ادعى أن صواريخ المقاومة محض صواريخ عبثية ولا تجدي سوى إعطاء المبرر للعدو الصهيوني !
وليس هذا موقفاً فردياً فقد خرج علينا الداعية السلفي المصري طلعت زهران ليحمل المقاومة أيضاً مسؤولية الاعتداء وليتهمها بالخيانة ، وأنها متعاونة مع الكيان الإسرائيلي ليقوم بضرب المدنيين في غزة ! ومعتبراً أن أهل غزة هم "شيعة وشيوعيون ولا راية لهم " وعليه فلا تجب نصرتهم بل إنه يحرم أن يزج بالجيش المصري في هذه الحرب الخاسرة سلفاً !

وليس هذا الأمر مستغرباً ! لكن الأمر المحزن أننا إذا أردنا أن نقارن بين مواقف بعض الدعاة من أتباع التيار السلفي من الأزمات والفتن التي عصفت في هذه الأمة نجد موقفاً متناقضاً ! فالداعية السعودي محمد العريفي أخذ يخترع القصص عن جهاد الملائكة في سوريا إلى جانب العصابات الإرهابية بينما لم نجد هذا الموقف من " الملائكة المزعومين " في غزة ، وفي الحين الذي أخذ الداعية السلفي الكويتي نبيل العوضي يحرض على تسليح وتسيير الجيوش لتحرير سوريا من القوات النظامية نجده قد اكتفى بدعوة الناس للدعاء لأهل غزة ! وعلى ذات الوتيرة ، فقد قام الشيخ السلفي السوري عبد الرحمن دمشقية بتحميل المقاومة في غزة مسؤولية الأضرار والخسائر دون أن يدعو لنصرتها وهو الذي كان يصيح صباح مساء لنصرة الإرهابيين في غزة ! وكذا فعل زميله الشيخ السوري عدنان العرعور الذي قال أن إطلاق حماس للصواريخ على غزة إن ثبت – وهو يستبعد ذلك أصلا – فهذه خيانة للشعب السوري في إلماح واضح أن دولة الكيان الغاصب هي داعم رئيسي للثورة التي يشتغل بالتنظير لها ورسم خطوطها والتحريض عليها !

إن هذه المواقف  المتخاذلة التي قام أفراد وزعامات هذا التيار بتبنيها لتجعل البوصلة واضحة أكثر من أي وقت مضى عن أهداف هذا التيار التكفيري في بث الفرقة بين المسلمين وحرف البوصلة عن تحرير فلسطين ، ولعل شعوبنا العربية والإسلامية تدرك خطر هذه الأفكار على قضاياها المركزية والمحورية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .


الاثنين، 10 مارس 2014

كوني موجتي ,,,

كوني موجتي 


كالأمواج,,
تتلاطم معاً !
يضرب أحدها الآخر !
يندمجان سوياً !
يصبحان واحداً !
يموتان معاً !
ثم يعودان للحياة من جديد !

كوني موجتي الأبدية السرمدية
موجتي التي بدأت معي ,,
و التي لا تبلغ شاطئاً ,,
ولا تحمل زورقاً ,,
كوني تلك الموجة ,,
التي لا تداعب موجاً سوى موجي ,,

الجمعة، 28 فبراير 2014

الإسلام ؛ عقلاني أم معقول ؟!

الإسلام؛ عقلاني أم معقول ؟

الفرق بين قولنا أن الإسلام عقلاني أو أن الإسلام معقول ، كون العبارة الأولى تعني أن العقل هو منشئ للأحكام وعليه فلا ضرورة للاعتماد على النقل ولا الاتكاء أو الرجوع إليه مطلقاً ، وأما الثانية فتعني أن الأحكام الإسلامية  تعرض على العقل فيحكم عليها بالإمكان ، أي أنه لا يجد فيها مخالفات منطقية تدعو لأن يحكم على الأمر بالاستحالة .

وبعد تفريقنا هذا ننتقل إلى بحث مكانة العقل في الإسلام ، وحتى لا نطيل الكلام فإن العقل في الإسلام هو أول الأدلة ، وهذه العبارة لم يختص بها المعتزلة كما هو شائع بل هي من المقررات عند عموم المذاهب الإسلامية – ما خلا الحشوية - فإن مبحث الإلهيات أو التوحيد هو أول مباحث علم الكلام في جميع المذاهب ، وأول الأبواب هو إثبات وجود الخالق واجب الوجود ، والدليل المعتمد في هذا المبحث هو العقل إذ أنه عمدة البراهين الدالة على وجود الله . وبذلك يظهر أن الإسلام لم يلغي العقل بل اعتمده في أول المباحث وأهمها وهو مبحث إثبات وجود الخالق ، ويمتد العقل ليثبت صفات الخالق ولكن هنا يتكئ العقل على أمر آخر وهو النص ، ويكون دور العقل رد المحال في حق الخالق ، فعلى سبيل المثال ، قد توهم بعض النصوص أن الخالق يشابه خلقه ، أو أنه في مكان أو زمان ، فيتدخل العقل حتى يحكم باستحالة مثل هذه الادعاءات .ويقوم بتأويلها بما يناسب المقام .

مما سبق يتضح بشكل لا يدع مكاناً للشك أن الإسلام معتمد بشكل كبير على العقل ، وكما قيل "العقل رسولُ كلِّ إنسان" إذ أنه لولاه لما أمكن الوصول إلى وجوب وجود الإله الخالق الموجد ، وإذا ما نظرنا في كتاب الله وجدنا عشرات الآيات  تحض على استخدام العقل وتحكيمه ، وتعاتب الكفار أنهم غفلوا عن الأسئلة التي تطرحها عليهم عقولهم ، وفي ذلك قال الله {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} ، فعن مجاهد في تفسيرها أنه قال : (الصم البكم الذين لا يعقلون"، قال: الذين لا يتّبعون الحق) ، وعن الطبري أنه قال : (إنّ شر ما دبَّ على الأرض من خلق الله عند الله،  الذين يصمون عن الحق لئلا يستمعوه،  فيعتبروا به ويتعظوا به، وينكُصون عنه إن نطقوا به) .

الآن نأتي لنناقش أصحابنا المطالبين بإلغاء النصوص إلغاء تاماً والاعتماد على العقل وحده ، وأول سؤال يعرض عليهم ، أن العقل إذا كان كافياً وحده ليكون رسولاً فما الضرورة من إرسال الرسالات والرسل ، علماً أنها (أي إرسال الرسل)  في مقام الواجب على الله تعالى ، وهو يدخل ضمن باب العدل الذي يعده المعتزلة ضمن الأصول الخمسة عندهم  ، وكون خطابي هذا موجه في المقام الأول للمسلمين ، فإن ذلك يلزم من ادعى ذلك منهم  كون الرسالات عبثية وهذا محال في حق الله ، أو أن يكون الأنبياء كذبة وهذا كفر بما جاءوا به ، وإذا ما رجعنا لآيات الكتاب وجدنا أن السمع والعقل هما أدوات التكليف ، فلا يجب الإيمان على المجنون الذي فقد عقله والقاعدة الأصولية المعروفة تقول : (إذا سلب ما أوهب ، أسقط ما أوجب ) ، وفي نفس المقام فلا يجب الإيمان على من لم يصله نبي أو رسول ، وفي ذلك يقول الله { وَ مَا كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبْعَث رَسولاً } وحتى لا يشاغب علينا أحدهم فيقول أن الرسول هو العقل ، نورد الآية التي جمعت الشرطين وهي قول الله تعالى { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } وقد قال الزمخشري شيخ المعتزلة في ذلك السياق (قَالُواْ بلى :  اعتراف منهم بعدل الله ، وإقرار بأن الله عز وعلا أزاح عللهم ببعثه الرسل وإنذارهم ما وقعوا فيه  ... وقيل : إنما جمع بين السمع والعقل؛ لأنّ مدار التكليف على أدلة السمع والعقل . ) فلا أدري من أين جاء من ينسبون أنفسهم إلى المعتزلة ببدعة الاكتفاء بالعقل فقط ! وهو ما اشتهر قديماً على لسان فرق بادت وانقرضت ! ولا أظن المعتزلة منهم !

نرجع الآن لننظر هل يوقف العقل أحكاماً فالإجابة على ذلك في القاعدة الأصولية :(الضرورات تبيح المحظورات ) والقاعدة الأخرى القائلة :(لا ضرر ولا ضرار ) وغيرها من القواعد التي تضع مصلحة الإنسان في المكان الأول ، وبذلك نرى ان القاعدة التي وضعناها في بداية المقال في تعريف كون الإسلام معقولاً ، وهي أن الأحكام تعرض على  العقل ، نجد أن تطبيق بعض الأحكام قد يعرض الإنسان للوقوع بالضرر وعليه فالحكم عليها التحريم من منطلق عقلي-شرعي .

وننظر الآن هل ينشئ العقل أحكاماً ، والإجابة على ذلك جاءت في حديث النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد . إذن العقل يقف مفتقراً للنص في مجال إنشاء الأحكام الشرعية ، ويمتد ذلك في مجال تعليل الأحكام الشرعية ، فكثير من الأحكام نعرف عللها كتحريم الزنا والخمر والسرقة وإلى ما هنالك ، لكن نقف عاجزين أمام قضايا أخرى كعدد الصلوات وعدد ركعاتها ووقت الصيام وما يشابه هذه القضايا .

إذن العقل لا يمكنه بحال أن يحكم بوجوب شيء دون نص منفرداً ، خصوصاً في القضايا التعبدية ، أما في القضايا العامة فإن ذلك يكون مندرجاً تحت قواعد كلية كحفظ النفس والعرض والمال وغيرها ، ويقف عاجزاً أمام التعليل التام لكافة التكليفات ، وقبل ذلك كله وأهم منه ، فهو يقف عاجزاً كل العجز عن معرفة عين الإله الخالق الموجد الذي يجب على المخلوق أن يتوجه له بالعبادة ، ولا أعرف هل يمكن لأصحابنا أن يعبدوا خالقاً مجهولاً دلته عليه عقولهم ،  وهو يخالفون أمره باتباع ما أرسل لهم من البينات والهدى ؟!

وأزيد على ذلك أن القاضي عبد الجبار في أوائل صفحات كتابه شرح الأصول الخمسة ،حين تكلم عن الواجب وأقسامه ضرب الأمثلة تارة من الواجب العقلي وتارة من الواجب الشرعي ، ومن المعروف بالبداهة أن العقل لا يستقل بالحكم على أمر ما بالوجوب الشرعي !فكيف يمكن لهؤلاء أن يوفقوا بين كون هذه الأمور واجبة ، وفي ذات الوقت غير مذكورة بالنص ؟!


ختاماً  ولا أريد أن أطيل أكثر ، ولا أجد أن هذا الموضوع يستحق كثيراً من البحث ، إلا أن آفة التقليد والتطبيل للمقابل وإتباع الأفكار والآراء الشاذة في محاولة صياغة الإسلام بقالب حضاري  دون بحث أو تمحيص تفعل مثل ذلك بل وأكثر منه ، والله تعالى المستعان ، وأسأله التوفيق والسداد والرشاد .

الخميس، 20 فبراير 2014

الحداثة والعقلانية في الموازين العلمية

الحداثة والعقلانية في الموازين العلمية

في خضم هذه الثورة الثقافية والفكرية التي تجتاح العالم الإسلامي ، والتي لم تكن قبل سنوات إلا حلماً يداعب أجفاننا ونحن نقلب أوراق الكتب وننظر النهضات التي عاشتها الأمم سواءً في الحضارات الغابرة أو في الحضارات القائمة ، حتى ما وجدنا أنفسنا إلا على خط مواجهة جديد مع ثلة من المتنورين أو النضهويين كما يحبون أن يسمون أنفسهم . وهذا الصدام أمر طبيعي لاسيما ونحن على إيمان بأن الانفتاح مع اختلاف طرق التفكير ووسائله لن ينتج لنا جيلاً مطبعاً على السائد العام ، بل سوف يورث لنا جيلاً متنوع الأفكار والثقافات ، وهذا كله صحي ، والتصرف الصحي الآخر الذي لا بد أن نذكره وننوه عليه هو أن من حق من يدعي التنوير أيضاً ويخالف هؤلاء أن يقف مخالفاً لهم  ويكشف مغالطاتهم ، لا لأنه يطالب بالعودة إلى السائد العام ، بل لأنه حريص على استمرار هذه النهضة وعدم رفضها وإجهاضها وهي في طور التكوين .

أضرب لكم مثالاً على عجل قبل أن أعود إلى القضية التي أردت أن أكتب هذا المقال من أجلها ، في خضم النهضة اليونانية التي كان يقودها ويدعو إليها المفكر العظيم سقراط والتي قتل في سبيلها ، ظهرت لنا مدرسة فلسفية معروفة وهي المدرسة السوفسطائية1 ( وهي تعني معلمي الحكمة ) ، ومع أن سقراط كان يعلم أن ظهور مثل هذه المدارس الفلسفية أمر طبيعي ومتوقع في خضم هذه الثورة التي يحلم بها ويقودها في الأسواق والطرقات إلا أنه انبرى للرد على أفكار هذه المدرسة الفلسفية وتفنيد آرائها . وهو بذلك لم يكن عائقاً ضد النهضة بل كان موجها لها ومصححاً لمسارها .

المتشابه بين ما حدث مع سقراط وما يحدث معنا أن السفسطائية كانت ردة فعل على مدرسة السائد العام إلا أنها وقعت بمغالطة منطقية فادحة وقع بها أصحابنا اليوم ، فالسفسطائية تقوم على الإقناع لا على البرهان العلمي أو المنطقي، وعلى الإدراك الحسي والظن، وعلى استعمال قوة الخطابة والبيان والبلاغة والحوار الخطابي، والقوانين الجدلية الكلامية بهدف الوصول إلى الإقناع بما يعتقد أنه الحقيقة 2 فالطريقة التي استخدمها السفسطائيون كانت تتلخص بالشك في الواقع ثم الانتقال إلى الجدل البناء ، طبعاً دون حاجة إلى الرجوع والبحث في الأدلة ! ومع الزمن أصبحت السفسطائية شعاراً يطلق على  كل فلسفة ضعيفة هشة تبنى على الخطاب لا على الدليل .

في نهضتنا التي نعيشها اليوم أضحى لزاماً علينا التصدي لمن يرفع راية الثقافة أو التنوير ويدافع عنها بل يظن نفسها حكراً عليها ! والسبب في ذلك أن المجتمع  بدأ ينفر من المدارس التقليدية ويبحث عن البديل الذي يلبي طموحاته ويجيب عن أسئلته ، وللأسف وقع كثير من القراء والمثقفين بإشكالية غياب المنهج العلمي في البحث ، وعليه فطبيعي أن تكون النتائج التي توصلوا إليها خاطئة حتى لو وضعت في قوالب جذابة !

على سبيل المثال ، علاقة الخالق مع المخلوق هي علاقة خاصة في جوانب إلا أنها خاضعة للقوانين في جوانب أخرى ، فحين تخلو مع إلهك وتخبره بأسرارك وتطلب منه ما يجول بخاطرك فأنت هنا تمارس علاقتك الخاصة وليس لأحد أن يطلب منك أن تفعل كذا أو أن لا تفعل كذا ، لكن هذه العلاقة خاضعة للقوانين التي وضعها الإله نفسه في ما يتعلق بالعبادات والمعاملات ، وقد أمر الأمة بأن تنفر طائفة من أبنائها كي يتعلموا قوانين هذه العلاقة ، يقول تعالى في ذلك {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ } ويوجه الأمة إلى الرجوع إلى هذه الفرقة في فهم أمور دينها فيقول {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ، فهذه الآيات تحمل بين طياتها معاني عظيمة كثرة يندرج ما ذكرناه تحتها . إلا أن البعض أراد من هذه العلاقة أن تكون علاقة فوضوية، لا ضابط لها ولا وازع ! وهي مصداق ما ذكره الله في كتابه إذ قال {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} .

وعليه فقد أصبحت العلوم الشرعية بحراً يركب لجته من أراد ذلك دون أن يكون صاحب دراية أو معرفة ، فيجد صاحبنا نفسه ضائعاً هائماً على وجهه ترمي به الأمواج يميناً ويساراً ولا يدري ما يفعل ولا ما يفعل به ! وإذا ما خاطبته قال هذه علاقة بيني وبين ربي ! وهو في علاقته مع جسده يذهب إلى ذوي الخبرة والاختصاص وينصاع لأوامرهم ، وإذا أراد القيام بمشروع اقتصادي تراه يذهب إلى الاقتصاديين ويقوم بدراسة الجدوى قبل أن يقدم على مشروعه ويكون خاسراً فيه ! مع أن جسده ملكه ولا يشعر به أحدٌ غيره ! وأمواله ملكه وإن خسرها فلن يندم أحدٌ غيره ! إلا أنه حين علم نفع المختصين لجأ إليهم ! ولكن حين تعلق الأمر بقضية الوجود تراه يفتي برأيه ويذهب إلى ما لم يأت أحد به من قبله ، لا لأنه بحث ووقع على ما لم يقعوا عليه ، بل لأنه تخبط في مغالطات كان حري به أن يحذرها !

وليت الأمر بقي على هذه الحال ! بل ذهب بعضهم إلى وجوب إلغاء هذه الدراسات والعلوم ، أقصد الدراسات الدينية من فقه وأصول ومصطلح وغيرها  ! ولا أدري ما الذي جال بخاطر هؤلاء ! فعلى مستوى العلوم البشرية تجد أن تطور الفيزياء إلى فيزياء الكم لم يكن حجة أو عذراً أو مسوغاً للمطالبة بإلغاء الفيزياء الكلاسيكية ! وإنما بقي تعليم الطورين جنباً إلى جنب! فلا أدري أكان من المصادفة أن يشترك أصحابنا في هذا المطلب مع الملحدين واللادينيين أم أنها كانت حيلة انطلت عليهم لا أكثر !

لا أريد أن أدخل في قضية التشكيك في النوايا والمقاصد ، لكن كما أن خصومتنا العلمية مع من يعطل العقل تقع في رأس الهرم إلا أنها لا تقل عن خصومتنا مع من انسلخ عن تراثه ظاناً أنها طريقة للسير على درب الحداثة والعقلانية . وفي ختام مقالي آمل ألا يظن أحدٌ أنني أقصده بعينه ، وإنما هو كلام عام أريد به لفت النظر إلى فكرة لا إلى أصحابها ، وإلا فكلٌ حرٌ برأيه . ونسأل الله التوفيق والسداد .


1 ذهب البعض إلى أنها كانت قبل سقراط ولكنها نشطت في عهده وهذا لا يؤثر على استدلالنا .

2. راجع الموسوعة العربية ، ص312

الأربعاء، 22 يناير 2014

من أنا !؟ وماذا أريد أن أكون ؟!!

من أنا !؟ وماذا أريد أن أكون ؟!!

- كانت بدايتي مع السلفية الوهابية ، ولا أري أن أطيل في هذه التجربة لكن أول ما أخرجني من المدرسة الوهابية السلفية قساوة القلب والتطاول على العلماء حتى لم يسلم أحد من المخالفين من كلمة (ضال ، مبتدع ، مارق ، زنديق ...)
- ثم كان توجهي للمدرسة الأشعرية ،وكنت أستغرب ادعاء الحق المطلق الذي وقع فيه أتباع هذه المدرسة ، كان مستندهم في هذا الادعاء أن غالب علماء أهل السنة هم من الأشاعرة أو الماتريدية ، وكون هؤلاء (أي أهل السنة) هم أتباع الحق وبما أن الأشاعرة هم غالب أهل السنة فهم أهل الحق قطعاً .

- بعد فترة بدأت أخالفهم في أمور (كالتحسين والتقبيح وكالعدل الإلهي وكالرؤية في الآخرة) وإلى مثل هذه المسائل .. وكنت أجد ضالتي عند المعتزلة عادةً حتى ظننت أنني معتزلي ولم أكن قد قرأت من كتب المعتزلة إلا الشيء اليسير ، فلم أجرؤ على ادعاء ذلك .

- بعد فترة بدأت البحث في بعض القضايا التاريخية وعلى رأسها قضية الخلاف بين الإمام علي (عليه السلام ) ومعاوية [كان ذلك قبل سلسلة د.عدنان إبراهيم] وكان أول ما قرأت للسيد السقاف الذي كنت أسمع عنه ، وحقيقة كنت أخاف أن أسمع له وأجلس بين يدي لما يثار من الشائعات عنه ، وانتهى بي البحث بكشف كمية التدليس والتزوير التي تعرض لها الموروث السني بشكل عام مما سبب اهتزاز ثقتي به بشكل عام .

- بعدها بدأت البحث في قضية الإمامة من جديد ، وكانت من أكثر القضايا التي قرأت فيها سواء للسنة أو للشيعة وبدأت الأمور تتكشف لي أكثر فأكثر ...

- هنا وصلت إلى قاعدة هامة ؛ وهي ألا أدعي الحق المطلق إطلاقاً ، مع أن ذلك لا ينفي أن تعرف الضلال المطلق ، مثلاً ؛ لا أجرؤ اليوم أن أدعي أنني على الحق المطلق ! لكنني أجزم أن السلفية الوهابية-مثلاً- في ضلال مبين ، الأمر ليس معقداً فالضلال سهل الكشف ، أما الحق فهو كالمعدن النفيس ، حتى لو كان بين يديك ، فدون الصقل لن تعرف له معلماً ...

- بدأت أستمع لبعض علماء مدرسة آل البيت وأقرأ لآخرين ، كان أكثر من شدني (السيد محمد حسين فضل الله ) لا لأنه متساهل 

- كما يدعي بعض الشيعة - بل لأنه قام بتدمير صنم الأتباع والذي يعاني منه كثير من المراجع والعامة ! فأن تجهر بالحق الذي تصل إليه في بعض الأحيان أصعب بدرجات من أن تبحث عن الحق بينك وبين نفسك ،وكان حقيقة يطبق القاعدة التي وضعتها لنفسي في تلك الفترة (لا تترك القرآن ) بعدها بدأت أتعمق أكثر في تراث آل البيت ، أقرأ للشهيد مطهري ولسبحاني وللحيدري ولغيرهم إضافة إلى قراءة في الفكر الشيعي للشهيد الذي عشقته كثيراً علي شريعتي ...

- في خضم البحث في مدرسة آل البيت بدأت أستغرب عودة الخطاب الأول (السلفي الوهابي ) وبشدة ، فأصبحت لا أسأل عن شيخ أو عالم كنت أحبه وأحترمه جداً حتى تنبري الأقلام في وصفه بالضال والكافر والبتري والزائغ ووو ، وهذا ما أسكن الحيرة في قلبي مرةً أخرى ، فتجربتي مع هذه المدرسة(أي مدرسة التكفير) على درجة من السوء لا يعلمها إلا الله ...

- ما أردت أن الفت له في هذه الأسطر التي أوجزت بها رحلة استمرت لسنوات من البحث أنني لم أدع يوماً أنني شيخ ! بل إنني في فترة درست بها متوناً في الفقه الشافعي وأخرى في العقيدة الأشعرية تعاملت مع طلابي كأستاذ وتلاميذ ، فكنت أعدّ الامتحانات لهم وأصحح أوراقهم وهذا كله غير موجود في الحلقات العلمية ، ولم أخاطبهم يوماً من منطلق أنني الشيخ أو العارف أو .... ولم أدع أنني أملك الحق الإلهي ! وكان شعاري طول هذه الفترة معروفاً ((( الــحــقـہ مـذھـہـے )))

فكل ما قمت به وأقوم به راجع في المقام الأول والأخير إلى نفسي - في المقام الأول - وإلى زوجتي وأولادي ثانياً (الذين أرغب أن أعطيهم خلاصة هذا البحث على طبق من ذهب وأجيبهم على كل ما يخطر في بالهم من أسئلة دون تهرب أو تخويف لهم منها )، وإلى مركز بحثي أعمل فيه لا أكثر ! أقدم الأبحاث كأي بحث في أي علم من العلوم الإنسانية ، دون عمامة ودون القاب , فلا أرى نفسي موجّها أو شيخاً أو شيئاَ من هذا القبيل ، إلا باحثاً عن الحق ...

لم أدّع أنني معصوم أو أنني لا أفعل الأخطاء والمعاصي ! وفي ذات الوقت لم أقبل أن أظهر للناس غير من أخفي ، فإن سماع أغنية أو مشاهدة فيلم أو شيء كهذا شيء لا أراه طامة كبرى ! وفي ذات الوقت أرى أن لعن أحدٍ لا يستحق اللعن أو وصفه بالضلال أو الزيغ أو الكفر أو إلى ما ذلك هو ذنب لا يمكن لمثلي أن يحتمله ! هذه فلسفتي في الحياة ، الذنب الذي بيني وبين الله هين يسير ، والله عارف بطبائعنا وقد وعدنا بالمغفرة ، أما ما يتعدى لغيري فلست مستعداً يوماً لأن أقترب منه .

أعتقد أنني في هذه الأسطر القليلة أوجزت من جهة من الجهات في الإجابة على سؤالٍ دار في خلدي طويلاً ، من أنت وماذا تريد أن تكون !وأتمنى أن يتعامل معي جميع أحبتي بما أرى عليه نفسي ، خسرت الكثير من أصدقائي في حياتي لأكسب شحصاً واحداً هو أنا .. ومستعدٌ لأن أخسر حياتي أيضاً حتى أكسب هذا الشخص ، ولا أخفيكم سراً أنني لا أنام إلأ وأنا ناظر لنفسي معلقاً على خشبة مصلوب عليها ! أو مقتول برصاصة تنطلق باسم الرب ظاهراً إلا إنها ما انطلقت إلا تروي غليل أحدهم مني !


أعذروني إن أطلت ، فتلك شقشقة هدرت ثم قرّت ,,

السبت، 19 أكتوبر 2013

جوانب القصور في منهج التفكير العربي



جوانب القصور في منهج التفكير العربي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية :


- النزعة الماضوية: العقلية العربية أسيرة الماضي المجيد، تعيد إنتاج مقولات السابقين وتبحث في الماضي حلولاً لمشكلات الحاضر. 
- النزعة الذكورية: العقلية العربية محكومة بإرث ثقافي ينتقص من المرأة ويؤمن بأعلوية الرجل.
- النزعة التقديسية: للتاريخ، ينتقي من التاريخ اللحظات المضيئة ويغيب ألف عام من الصراعات والانقسامات والظلام. 
- النزعة الإقصائية: الفكر العربي فكر إقصائي للآخر اعتقاداً بأنه يملك الحقيقة المطلقة.
- النزعة الارتيابية في الآخر: يحتل وهم التآمر العالمي علينا المساحة العظمى من تفكيرنا. 
- النزعة التمجيدية للذات: وتعظيم محاسنها في مقابل الانتقاص من الآخر والمغالاة في سلبياته