الثلاثاء، 26 مارس 2013

خطابنا الديني البائس ؛ وأثره على المد الإلحادي !


خطابنا الديني البائس ؛ وأثره على المد الإلحادي !

مشكلة الخطاب الديني هذه الأيام أنه أضحى إما في غاية السطحية وإما في غاية التعقيد فهو عالق بين القصص المضحكة التي يحاول بعض " المشايخ " أن يؤثروا بها على العامة متجاهلين أن هذا الخيار ذو تأثير قصير المدى والذي يزول بمجرد إطفاء التلفاز أو تغيير القناة ، والسلبية الأخرى وهي الأهم أن هذا الخيار سرعان ما يظهر وهنه أول ما يسمع صاحبنا العاميّ أية شبهة عن الإسلام !

والحل لا يكون سوى بتجنب هذا النوع من الخطاب الصدئ الذي لم يعد يجدي البتة في زمن العولمة ،وبطبيعة الحال فلن أتكلم عنه كثيراً فسوءة هذا الخطاب ظاهرة جلية !

أما النقطة الأهم والتي يجدر أن نتكلم عنها بجدية ، وهي الأسلوب الكلاسيكي المعقد في رد تلك الشبهات ، مقارنة بالأسلوب السلس الذي يتم طرحها به ، فعندما يُشْكِل بعض الملحدين على العامة بشبهات واهية يتم طرح هذه الشبهات بطريقة سهلة ؛ فعلى سبيل المثال  شبهة ( معضلة القدرة المطلقة ) لا يتم طرحها بذلك الأسلوب المعقد ، وإنما يلقي صاحبنا حجراً في مستنقع الإيمان الراكد ليحرك به تلكم المياه بسؤال واحد كأن يقول : "هل يستطيع الله أن يخلق حجراً لا يستطيع حمله " ! حينها  تجد أن اصحابنا من ذوي العقول ينبرون للإدلاء بإجابات فلسفية لا يكاد المستمع أن يفهم منها شيئاً فمن تقسيم الموجودات إلى البراهين إلى إثبات القصور البشري المقيد والقدرة الإلهية المطلقة إلى غير ذلك مما لا يكاد صاحبنا يدركه ، ومع الحاجة الملحة إلى مثل هذه الردود إلا أننا نحتاج إجابات أبسط كالتي استخدمها القرآن الكريم ، كما في قوله تعالى }قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ  { وكما قام أئمة الآل وعلى رأسهم الوصي المرتضى عليه السلام فيما بسط في نهجه ( نهج البلاغة ) من إجابات بسيطة عميقة تجعل الإنسان العامي يفهمها ويدرك مكنونها كقوله عليه السلام (أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإخلاص لَهُ، وَكَمَالُ الإخلاص لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَة أَنَّها غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوف أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ. فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ، وَمَنْ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ. وَمَنْ قَالَ «فِيمَ ؟» فَقَدْ ضَمَّنَهُ ، وَمَنْ قَالَ «عَلاَمَ ؟» فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ. كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَث، مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَم. مَعَ كُلِّ شيء لاَ بِمُقَارَنَة، وَغَيْرُ كُلِّ شيء لاَ بِمُزَايَلَة  ، فَاعِلٌ لاَ بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ والآلة بَصِيرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ ، مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ.) وهي كلمات سهلة مفهومة بالغة الأثر .

إذن خلاصة الأمر أن الخطاب الديني لاسيما المواجه للمد الإلحادي لا بد أن يرتقي من منزلة السخافة ! ويتحرر من التعقيد ، ليصبح بسيطاً سهلاً يفهمه كل طالب للحق .


هناك 13 تعليقًا:

  1. كيف إذا كان القصص القرآني نفسه فيه نفس السمة ؟؟ الإغراق في الخرافة واللا معقولية !

    كمثال :

    سليمان عُلّم منطق الطير .. جميل ... معجزة لا بأس !

    أما أن يكون الهدهد هو الآخر عالما بمنطق البشر ! بل عالما باللغات المختلفة كلغة سبأ !!! فهذه ملازمة عجيبة لتلك المعجزة !

    موت سليمان بعد أن ظل متكئا على عصاه شهورا أو سنين حتى أكلتها دابة الأرض !

    ألم يكن ملكا يستقبل الوفود ...

    ألم يكن يأكل ... يذهب لقضاء حاجته .... يؤم الناس في الصلاة.. أو يقوم للصلاة على أدنى تقدير .... إلخ

    ولو تدبرت أخي الكريم لوجدت الخرافة سمة عامة في القصص القرآني .. وأيضا في النص التوراتي المأخوذ منه القرآن !

    ردحذف
  2. أخي الكريم ؛ ما ذكرته من قصة سيدنا سليمان فقد بحثت القصة منذ القديم وقد شكك فيها الملحدين القدماء وتجد الجواب كافياً في تفسير الرازي إذ يقول :
    ( البحث الأول أن الملاحدة طعنت في هذه القصة من وجوه أحدها أن هذه الآيات اشتملت على أن النملة والهدهد تكلما بكلام لا يصدر ذلك الكلام إلا من العقلاء وذلك يجر إلى السفسطة فإنا لو جوزنا ذلك لما أمنا في النملة التي نشاهدها في زماننا هذا أن تكون أعلم بالهندسة من إقليدس وبالنحو من سيبويه وكذا القول في القملة والصئبان ويجوز أن يكون فيهم الأنبياء والتكاليف والمعجزات ومعلوم أن من جوز ذلك كان إلى الجنون أقرب وثانيها أن سليمان عليه السلام كان بالشام فكيف طار الهدهد في تلك اللحظة اللطيفة من الشام إلى اليمن ثم رجع إليه وثالثها كيف خفي على سليمان عليه السلام حال مثل تلك الملكة العظيمة مع ما يقال إن الجن والإنس كانوا في طاعة سليمان وإنه عليه السلام كان ملك الدنيا بالكلية وكان تحت راية بلقيس على ما يقال اثنا عشر ألف ملك تحت راية كل واحد منهم مائة ألف ومع أنه يقال إنه لم يكن بين سليمان وبين بلدة بلقيس حال طيران الهدهد إلا مسيرة ثلاثة أيام ورابعها من أين حصل للهدهد معرفة الله تعالى ووجوب السجود له وإنكار سجودهم للشمس وإضافته إلى الشيطان وتزيينه والجواب عن الأول أن ذلك الاحتمال قائم في أول العقل وإنما يدفع ذلك بالإجماع وعن البواقي أن الإيمان بافتقار العالم إلى القادر المختار يزيل هذه الشكوك ]
    إذن النقاش في هذه القضايا يكون بالتسلسل ؛ فإن آمنا بوجود الإله واجب الوجود وبأنه خالق ومستحق للعبادة جاء تصديقنا بما أنزل بناءً على تصديقنا للأول .

    ردحذف
  3. لم يذكر الرازي ما استشكلت به :)

    وقد أشكلت إشكالين أعيدهما باختصار :

    1 - من معاجز سليمان علمه بمنطق الطير .. تنزلنا وسلمنا بهذه المعجزة وبأن الحيوانات لديها القدرة على تكوين المفاهيم والكلمات ... سلمنا .. فهل الهدهد أيضا معجز بحيث يعلم منطق سليمان ؟؟ بل إنه يعلم لغات أخرى سوى لغة سليمان .. كلغة أهل سبأ (فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) !

    2 - كيف أن الجن لم يعلموا بموت سليمان إلا بعد مضي تلك الفترة الطويلة إلى أن أكلت الدابة منسأته ؟؟ كيف لم يتعرفوا موته بإخلافه لعوائده في القيام لقضاء شئونه وفي التفاعل مع الوفود والخدم و و و إلخ ؟؟؟ هل ترى هذا معقولا يا أخي ؟؟!

    وأعود فأذكر ... كل قصص القرآن بهذه الطريقة ... مسرحيات ساذجة لا تروج إلا على الأطفال وسامحني !

    وكلامك جميل في مسألة النقاش ينبغي أن يكون بالتسلسل .. وأنا مؤمنة بالإله كلي العلم كلي القدرة كلي الخير والحكمة .. لكني لا أؤمن بالأديان على نحو ما يؤمن به المؤمنون بها ... وإن كنت أحترمها وأراها تجارب عرفانية راقية .. ولكن في سياقها التاريخي والاجتماعي ... أما في عصرنا هذا وبعد هذا التطور العلمي والإجتماعي والأخلاقي والسياسي و و و فهي أشبه بقصص الأطفال .. وبقيود لا معنى لها !

    ردحذف
  4. أرجو أن تبرهن لي أخي الكريم على أن هذا القرآن هو وحي من عند الله وليس من وضع جبريل أو جماعة من الجن أو الملائكة مثلا ؟

    أنا أعتقد أنه كلام النبي محمد .. فإنه لمّا استغرق في العبادة والإقبال على الله .. حقق في ذلك مرتبة عالية وصار وجوده وجودا نورانيا .. وصار يتكلم بكلام يمكن وصفه بأنه وحي ... وبأنه كلام إلهي ... بمعنى أنه بدوافع إلهية ... لا بمعنى أنه كلام الله .

    وهذه النظرية في الوحي تحل الكثير من الإشكالات .. فهي تجعل القرآن نابعا من معارف النبي ومن وجهات نظره المستوحاة من تلك الحقبة التاريخية والاجتماعية ومن تلك المصادر المتاحة له كالتوراة والإنجيل ..

    أقول هي نظرية تحل كثيرا من الإشكالات .. كتلك القصص غير المعقولة .. وكالمخالفات الصارخة للعلم الحديث ... وكالركاكة وضعف النظم والتفاهة في كثير من الآيات ... وكالأحكام المنافية للإنسانية كقطع يد السارق و و و إلخ

    ردحذف
    الردود
    1. ليس تحنث النبي هو سبب الرسالة إليه ؛ وإنما هو معد من قبل ولادته لتحمل هذه الرسالة ؛~

      حذف
  5. أما قولك عن بعض المعقولات أنها غير معقوله فهذا قصور في الفهم ويجدر بك التمييز بين غير المعقول وغير المألوف !

    ردحذف
    الردود
    1. بل غير معقولة أخي الكريم ... فضلا تأمل ما ذكرت :)

      ولدي مئات الأمثلة من مثل هذا فيما يتعلق بالقصص القرآني

      هذا بخلاف الخرافة في غير القصص القرآني :)

      تأمل ولا تخش شيئا ... استدل ثم اعتقد ولا تعتقد ثم تستدل :)

      حذف
    2. أجدد لك ذات الكلمة ؛ فرق جوهري بين اللامعقول واللامألوف عند أصحابنا المناطقة

      حذف
  6. تنويه ؛ قضايا الإلحاد لا تناقش في منتصف الطريق ! كأن نناقش الغيبيات والمعجزات قبل أن نناقش وجود الإله ،
    وهذا المقال مخصص للمؤمنين وليس لنقاش شبه الملحدين

    ردحذف
    الردود
    1. أكرر .. أنا مؤمنة بوجود الله

      فنحن لم نبدأ من منتصف الطريق ولا شيء

      فقط .. أعطني دليلا أن الشريعة الإسلامية هي من وحي الله وكلامه وتنزيله

      ثم أجبني عما طرحته وسأطرحه عليك من إشكالات

      ولن أقنع بإجابات عامة كالتي تجيب بها :)

      ملاحظة : تابعت بعض نقاشاتك مع الأشاعرة فرأيت عقلا راجحا ... ولكن لا أدري ماذا أصابك هنا :)

      حذف
    2. أختي ؛ عندما أناقش أي ملحد أفترض عدم إيمانه بالإله ولذلك وضعتك ضمن هذه البوتقة ؛ أما وقد أبنتي عن إيمانك بالإله فنبدأ بإثبات أن النبي محمد مرسل من عند الله وأن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى ؛ مع أنني أرغب أن يكون هذا النقاش في مكان آخر ( منتدى المنزهون ) مثلاً كي نتمكن من استخدام التناسيق في الكتابة وتكون القراءة أفضل فما رأيك ؟
      http://www.monazh.com

      حذف
  7. أرجو أن تبرهن لي أخي الكريم على أن هذا القرآن هو وحي من عند الله وليس من وضع جبريل أو جماعة من الجن أو الملائكة مثلا ؟ :)

    ردحذف